التصليةُ النكراء في الصالةِ الكُبرى

حتماً وقطعاً لابد من تعرية المجرم الطاغوتي المُضْرِم لهذه التصلية النكراء التي جمعت بين الخبث الإجرامي والسقوط القيمي والفجور السياسي!!، ولابد أن تكون العقوبة رادعة زاجرة!

ورغم أهمية ذلك وضرورة تحققه؛ فلا ينبغي أن ينشغل الرأي العام بتحديد الطرف المرتكب للمجزرة بقدر ما ينذهل ببشاعة المجزرة نفسها؛ لعدة أسباب:
(1)-أن الجريمة من أبشع وأقبح الجرائم التاريخية ولن تتغير بشاعتها أو يختلف قبحها باختلاف مرتكبها.

(2)-أن تناكر أطراف الصراع واتهاماتهم المتبادلة مع مطالبتهم بتحقيق دولي كلُّ ذلك قد أسهم في توجيه الرأي العام لتغليب الاعتماد على اللجان المحققة والتقارير الخاصة بالأمم المتحدة، وإضعاف الاعتماد على التحليلات والبيانات الصادرة عن هذا الطرف أو ذاك، وقبل ذلك كله تسليم القضية للأمم المتحدة يُعَدُّ ضماناً لحصر الجريمة في أطراف الصراع، وتبرأةً لأي طرف دولي قد يكون هو المجرم الحقيقي، لاسيما إن كان من الدول المسيطرة على هيئة الأمم المتحدة.

(3)- أن تحديد الطرف المرتكب للجريمة من قبل الأمم المتحدة لن يقدِّم حلاً نهائياً بقدر ما يتم توظيفه للابتزاز السياسي والاستغلال الاقتصادي، ولن يضيف شيئا جديدا للاعتبارات الآتية:

▪أولاً: لن يُظْهِر مجرماً غير معروف؛ فلا يتولى القيام بهذه الجريمة إلا من له رصيد إجرامي ظاهر، ولن تكون إلا حلقة حالقة في سلسلة جرائمة السابقة واللاحقة.

▪ثانياً: لن يترتب على تحديد المجرم حلٌ جذريٌ للأزمة اليمنية؛ فالأمم المتحدة كالعادة مستعدة للشجب والإدانة وإرسال اللجان المتعددة، والأمين العام مستعد للقلق والإنزعاج على أحسن الأحوال، والدول الكبرى مستعدة للمساومة والمبايعة أو المبادلة والمقايضة لاسيما وحجم الجريمة يؤكد أن المجرم من ذوي النقود أو النفوذ!!

▪ثالثا: أن الجريمة قد وقعت والكارثة قد استفحلت، ولا يمكن تدارك مفاسدها عبر الأمم المتحدة، بل التجارب التاريخية والحقائق الواقعية تؤكد أن مآل التدويل لمثل هذه الأحداث الإجرامية هو التوظيف السلبي لتوسيع دائرة الصراع وضمان استمراره !!

كل ما سبق ذكره يدل ويؤكد أن الحل الأقوم هو العمل على انهاء الصراع بأسرع وقت ممكن؛ لقطع ذراع هذه الجرائم المروِّعة واستأصالها من جذورها، ولن يقوم بهذا العمل إلا اليمنيون أنفسهم، لاسيما وأن الصراع قد دخل بهذه الجريمة المفزعة مسلخا مروعا ودمارا شاملا!!
ولم يبق للساسة النافذين المتحكمين بالصراع في الداخل والخارج سوى خيارين لا ثالث لهما:

الخيار الأول: المسارعة إلى إنقاذ اليمن؛ انطلاقا من عظم المسئولية واستشعاراً لهول الكارثة-إن بقي في قلوبهم مثقال ذرة من إيمان أو وازع من ضمير- وذلك بإيقاف الحرب وإنهاء الصراع، ولو بالتضحيات وتقديم التنازلات؛ لردم فوهة البركان الذي يَصْطَلي الشعبُ اليمني بناره ويَكْتَوي بجحيمه ويُحَرّق بحممه- ليلاً ونهارا-ً !!
وليعلموا أنهم بهذه المسارعة قد أرضوا خالقهم، وأنقذوا أنفسهم.

الخيار الثاني:ترك المسارعة إلى إنقاذ اليمن، والإصرار على تدميرها وإحراقها باستمرار الصراع والحروب!!

فليعلموا جميعا أنهم بهذا الاصرار مشتركون في هذه الجريمة البشعة وغيرها من الجرائم السابقة واللاحقة-حقيقةً لا زعماً-وإنما يختلف ويتفاوت توصيف إجرامهم بين قبيح وأقبح ؛ [فمن لم يكن مباشرًا للجريمة فقد كان سبباً لها وذريعةً إليها].
وأن دائرة الفتنة ستتسع يوما بعد يوم حتى يصطلوا بنارها ويصيروا من وقودها.

وليعلموا -قبل ذلك وبعده- أن الجبار المنتقم سينتقم من المستخفين بالحرمات السافكين لدماء الأبرياء والمكايدين بالأشلاء والمتاجرين بأقوات الفقراء.

{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}