فتاوى الأوطان.. في الكسب الحضاري..!!

فتاوى الأسرة، فتاوى المعاملات والبيوع، فتاوى الصوم… هذا هو نتاج الفقه المعاصر، والفقيه المفتي.. في قضايا الآحاد من الناس، وأحوال المسلم.
لكن تعالوا إلى عالم الإسلام كوطن واحد! أو أوطان متجاورة أو متباعدة.. كيف اختلفت فيها الفتاوى! وتنوعت بينها الأحكام، وربما تباينت بفتاوى الحرب والحرب الأخرى.. والصراع للصراع البيني..
هل يمكن لنا التفكير بأفق أوسع، وفقه أشمل.. حول فقه (فتاوى الأوطان) برجالها، وآلية الاجتهاد المكتسب في دراستها، ومدى تأثيرها على مصالح الأوطان! وتداعياتها السلبية على أوطان مجاورة، وأجيال لاحقة، والوطن والدولة..
والتي تختلف عن الاجتهاد الفردي لعالم أو فقيه يبدي رأيه فيها، أو يؤيد بيانات ومبادرات..
هي تلك الفتوى التي تتنزل في حق وطن وشعب ودولة بكل المكونات والمقومات..!
*فقه الكسب الحضاري*
هل يكفيها (هيئة علماء) تتسم بالمرجعية في (فقه الأوطان) وتتكون من نوابغ وعباقرة العلوم التخصصية بـ (بفقه الكسب الحضاري)، يدرسون “قضية الوطن والبلد” في خضم هذه الحركة العالمية، والصراع الإقليمي، والتدافع الحضاري.. على مستوى واسع من التعايش الأممي ومصالحه، والخصوصيات الثقافية والفكرية ونهضتها، وإصلاح العمران وتنمية ثرواته.
نحن نعيش أوطانا تفتقد لـ (فتاوى الأوطان) بهذا الحجم، ونعيش حالة من التأزم المستمر بتقسيم الأوطان وتدميرها بفعل الذهنية المذهبية والطائفية..
أو توجيه الشعوب بنزعة الولاء السياسي المؤمّم بفتاوى ذات تراخيص سياسية..
أو تحريك الجماهير بروح الثورة المشحونة بالانتقام للمواجهة الصفرية!!.
أو إثارة الصالحين بعاطفة الغيرة الدينية نحو مستقبل التغيير الوهمي والمثالي!
*فتاوى قصيرة الأجل*
كم تؤلمنا قوائم الفتاوى.. قصيرة الأجل.. الموجهة في قضايا حزبية، وموجات شعبية أو مذهبية..!
وكم نطوي بعض الفتاوى التي نتندر لها من عالمٍ صادق أو جماعة اجتماعية.. وربما نصفها بالسفه..! وهي من (فتاوى الأوطان) كانت في حينها هي المنجية! لولا ضاقت بنا مسالك النظر، وشغلنا عنها زخم الفتاوى الجماهيرية والشعبوية!
*فتاوى الثابت عند المتغير*
(فتاوى الأوطان) للتوعية والترشيد.. وليست للتعبية والحشد المضاد.
تغلب عليها مراعاة توازن بين المصالح القائمة والمرجوة.. وتوازن المفاسد الموجودة والمتوقعة.
تهتم بالوطن كوطن للجميع.. والدولة كدولة ذات مصلحة اجتماعية.. ونظام الحكم كنظام يحفظ بوصلة الشعب..
(فتاوى الأوطان) لا ينبغي أن تخضع للأغلبية النمطية!
أو تدور حول المصلحة الحزبية..
أو تعزل بين الشعب ودولته..
أو تقف مع الحاكم ضد الشعب..
(فتاوى الأوطان) تحترم أحكام قيم الجوار المجتمعي والسياسي والإقليمي.. كما تحترم التمايز بين الفصيل الوطني بطبقاته وأجناسه..
(فتاوى الأوطان) تحدُّ من الصراعات البينية، وتعلي من شأن السلم الاجتماعي.
(فتاوى الأوطان) هي بيانات المرجعية العليا عند غياب الدستور، والفراغ السياسي، وعقم المصالحات..
هي الثابتة في المرجعيات.. بينما قرارات الحاكم والحزب متغيرة.