حرب الشعارات ...ولا تلبسوا الحق بالباطل


أخطر من أهل الباطل الصرحاء من يلبسون الباطل ثوب الحق بكل مكر ودهاء، فيتبنون زورا شعارات جذابة ومطالب خلابة تزينها ألسنة منافقة كذابة. وفي الحديث (إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين ) وصححه الألباني .وكثيرا ماتحضى هذه الشعارات بمناصرة العامة من البلاطجة أو الغوغاء، فيضحون بأرواحهم لأجلها ويعادون المصلحين اغترارا بها. في حال اكتفاء سادتهم بالتنعم في الظل ومساج الفنادق واستلام مقابل الخيانة والتسلق إلى مآربهم بدمائهم في الدنيا وبتعريضهم للعذاب المقيم في الآخرة (إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا )
(وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ).
وكم من شعار (ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب ) : شعارات : الصرخة الحوثية والموالاة لأهل البيت أو تبني حقوق الشعوب والديمقراطية أو التحرر والحرية أو القومية والوطنية أو الوحدة والاستقلال والعدالة الاجتماعية أو شعارات غلاة السلفية والعقلانية ودعاة محاربة الفساد و التطرف و والاستعمار والإرهاب........) لكنهم كانوا كما قيل: (كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد) و (تمسكنوا حتى تمكنوا ) . و ماأسرع مايكذب واقعهم شعاراتهم لدى المتأملين ولو بعد حين (يخادعون الله والذين ءامنوا ومايخدعون إلا أنفسهم ومايشعرون )
والدعاوى مالم يقيموا عليها بينات أصحابها أدعياء. 
وهي حيلة قديمة ومكر كبار ونفاق ظاهر ولكن للعقلاء فقط فقديما حين رفعت الخوارج شعار :(لاحكم إلا لله ) رد عليهم الخليفة علي بكلمته المشهورة :(كلمة حق يراد بها باطل ) وكما أحرق علي غلاة الرفضة الذين سجدوا له وأدعوا له الألوهية فقد قاتل الخوارج الذين حملوا السلاح والتكقير وخرجوا عن جماعة المسلمين ولم يغتر بظاهر شعاراتهم،
أو كما قال الخليفة عمر :(لست بالخب (المخادع )ولا الخب يخدعني ). 
وكما كان المنافقون على عهده صلى الله عليه وسلم يتهربون عن واجب نصرة الدين بمثل أعذارهم التي كذبها القرآن : (أئذن لي ولاتفتني ) (إن بيوتنا عورة ) (لاتنفروا في الحر ) (لو نعلم قتالا لاتبعناكم ) .فإن أتباعهم اليوم يلغ بعضهم في الدفاع عن أهل الباطل و المداهنة لهم وهو تميع في الولاء والبراء تحت ذريعة المداراة و المرونة السياسية والواقعية ! ومثلهم من يتلاعب بالمجمع عليه من النصوص والأحكام فيحرم الحلال ويحلل الحرام لمبررات مضللة وأوهام. 
ولعل أكثر من يجيد فن لبس الحق بالباطل برفع الشعارات الكاذبة هم الفاسدون من الساسة و الحكام وسدنتهم من المأجورين من أدعياء العلم و أرباب الإعلام.
ولم تظهر -على مر التأريخ- فرقة كردة فعل لفرقة أخرى إلا وتبنت شعارات كثيرا ماضاعت بعدها الحقوق وسالت الدماء لغلبة الشبهات و الشهوات واختلاف الأهواء وتخلل من خلالها الأعداء وحورب بها المصلحون من الساسة والمفكرين والعلماء وكرست بها أدواء البغضاء والعصبيات والتفرق والإقصاء !!.
ألا فاحذروا من فتنة الإعلام المشبوه ياهؤلاء في تزييفه للحقائق وتلاعبه بعقول بعض الفضلاء فضلا عن العامة الدهماء. ولاعذر لكم عندالله في اتباع من سكرت عقولهم وعادوا الشرع والحق والدين وماتت ضمائرهم وتلطخت أيديهم فانتهكوا دماء الأبرياء والصالحين. وصدق الله : (ولاتطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولايصلحون ).
ومن صور تلبيسهم: ماقصه تعالى علينا من بناء المنافقين للمسجد بحجة اقامة الصلاة وبعد الطريق ففضح الله سوء نيتهم ( والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا ..وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون ..لاتقم فيه أبدا )
ولامخرج من هذه الفتنة إلا بلزوم غرز المصلحين المخلصين لمصالح أوطانهم وشعوبهم على أساس من إعلاء كلمة الحق والدين (ولاتزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ) وقال تعالى : (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون ).
وصدق الله :(ولاتلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ) .اللهم طهر قلوبنا من النفاق وألسنتنا من الكذب وأعمالنا من الرياء وأنفسنا من الخيانة؛ فإنك تعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور.