الشرعية واستحقاقات المرحلة

دخلت اليمن منذ الانقلاب الحوثي مرحلة من الفوضى والصراعات المتتالية والمترابطة التي أثرت على حياة المواطنين ومؤسسات الدولة.
وتعمل الشرعية الممثلة بفخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي بحسب الإمكانات المتوفرة على استعادة الدولة وتوحيد الصف الوطني، مع الحرص على تحقيق السلم وتغليب لغة الحوار، وتجنيب البلاد ويلات الحرب والدمار، ولهذا نجدها تنحاز إلى السلام بمنطق الدولة، ولا أدل على ذلك من موافقتها على التوقيع على اتفاقيات كثيرة مع أطراف تسببت بدمار اليمن وما زالت، وسأحاول الإلماح إلى تلك الاتفاقات، وما الذي تحقق منها. 
١. اتفاق السلم والشراكة في اليمن 
• يعدّ أول اتفاق سياسي في ظل حكومة الوفاق الوطني، نص على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وخروج مسلحي الحوثيين من العاصمة، وما تبع ذلك من تسمية مستشارين للرئيس اليمني أحدهما من الحراك الجنوبي والآخر من الحوثيين. 
• وبعد الاتفاق بأشهر يسيرة تم الانقلاب على الشرعية، وأصبحت البلاد تعيش حالة اللادولة، سواء من ناحية الحضور المؤسسي للحكومة أو التواجد الميداني للأجهزة التنفيذية الحكومية. 
• أما هذه الحالة الطارئة كان لابد على الشرعية أن تستعيد قيادة البلاد لتقوم بدحر الانقلابيين؛ ولم يكن من خيار سوى الاستعانة بالتحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، وحصلت الحرب التي كان يتوقع لها أن تكون في غضون أشهر، ولكنها طالت، وها هي تدخل عامها السادس، والذي نأمل أن يكون عام الحسم وانتهاء أزمة بلادنا.
٢. اتفاق السويد:
• كان أبرز الأهداف المعلنة من هذا الاتفاق إنسانيًا صرفًا، والمتمثل بضمان إيصال المساعدات الإنْسَانية والإغاثية، ودخول البضائع والعلاجات عن طريق ميناء الحديدة؛ لتجنيب المحتاجين للمساعدات الغذائية العاجلة. 
• والهدف الآخر الذي حرصت عليه الشرعية وهو إيقاف حمام الدم ووقف المزيد من القتل والدمار والتشريد والنزوح.
• مر عام ولم تشهد الحديدة سوى مزيد من التمكين للحوثيين، ومزيد من الخروقات والدماء، ولم يلتزم الحوثيون باتفاق استكهولم، ولم يحصل إعادة الانتشار التابعة للأمم المتحدة وتنفيذ إعادة الانتشار المتبادل للقوات من مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى وفقا لالتزاماتها، وما حصل هو مزيد من التصعيد العسكري والأعمال العدائية الحوثية، التي ألحقت الضرر بالثقة بين الأطراف، وحصل تقويض فرص، وكان هناك تلكؤ واضح في قضية تبادل الأسرى، وإنشاء لجنة التنسيق المشتركة في تعز من أجل فك الحصار عنها.
٣. اتفاق الرياض:
• رعته المملكة العربية السعودية، رأبًا للصدع وتوحيدا لصف مواجهة الشرعية، وجرى التوقيع عليه في الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي. وأبرز استحقاقات هذا الاتفاق:
• يتوقّع أن يشكل هذا الاتفاق البداية لوقف الحرب وتحقيق السلام ومنع الحرب الأهلية.
• في حال نجاحه فإن المحتمل أن تجري أيضا عودة المحادثات بين الحكومة الشرعية والحوثيين. 
• وما زال الجميع يرقب تنفيذ الاتفاق المزمن، الذي كان من المفترض أن تطبق كثير من بنوده في الفترة الماضية بحسب الجداول الزمنية للاتفاق.
• ومن المعلوم أنه توفر لاتفاق الرياض أبعاد كثيرة لم تكن للاتفاقات السابقة، منها:
- الاتفاق رعته المملكة العربية السعودية، وبيدها قيادة التحالف، ونص الاتفاق على إشرافها على التنفيذ وتفاصيل أخرى تضمنها الاتفاق.
- توفر فيه النص على البعد الزمني والتنفيذ خلال مدة محددة، وإن كان هذا البعد لم يلتزم به في كثير من تفاصيله.
- جاء في وقت الشرعية قد استعادت كثيرًا من عافيتها، وتستطيع فرض إرادتها، وهذا من حقها في حال تنصل الطرف الآخر من التزاماته. 
٤. وأخيرا وحتى تتنصر الشرعية لابد من:
• امتلاك الإرادة المتينة في الوصول إلى تحقيق الغاية المرجوة خلال مدة زمنية محددة، وعبر خطة استراتيجية محكمة. 
• الالتفاف أكثر وبقوة حول الشرعية من قبل الأحزاب والقوى الوطنية، والانطلاق من عدالة القضية، وأن من حق الشعب اليمني أن يعيش بأمن وسلام. 
• اختيار ذوي الأمانة والكفاءة في تحمل المسؤولية في الحكومة القادمة، على أن يقوم مجلس النواب بدوره الرقابي عليها.
• جعل المناطق المحررة نموذجًا مثاليًا، بتأمين جميع الخدمات اللازمة للمواطنين فيها، لتصبح منطلقا لتحرير ما تبقى من البلاد ودافعًا للانتفاضة على الحوثيين بحثًا عن الاستقرار الذي تشهده المدن المحررة في حال كان ذلك متوافرًا. 
• توفير احتياجات الجيش في الميدان، ويشمل ذلك الرواتب والمؤن والسلاح، وتفعيل عمل الجبهات بشكل صحيح وفاعل، ومنع تشكيل ميليشيا عسكرية خارج نطاق الجيش، والعمل على دمج ما قد تشكل منها أثناء مقاومة الانقلاب.
• معالجة الأخطاء في تقويم أداء الشرعية عبر القنوات المتاحة، والالتزام بخطاب إعلامي يخدم قضايا البلاد، ويحرص على تحقيق الثوابت الوطنية، بعيدًا عن التشهير والمناكفات الإعلامية.
• توفير غطاء سياسي ودبلوماسي كبير لعرض عدالة القضية على المجتمع الدولي، وتجاوز العراقيل والضغوط التي تقف في طريق إنهاء الحرب.
• التلاحم والتعاون البناء مع قيادة التحالف العربي حتى تحقيق الهدف المنشود بما يحقق المصالح المشتركة، ودعم الشرعية ومساندتها.